السبت، 28 يوليو 2012

أنا نفسي صهيبة تعيش


أنا كمان نفسي صهيبة تعيش. ونفسي كل من يعانون مثلها أن يعيشون زهرات وزهور في بيوتهم وقرة لعيون الأمهات والأباء. لكني أيضاً نفسي بلدنا تنضف من فكر هذه الإعلانات، إذ كيف لصهيبة أن تعالج هي وغيرها من قروش قليلة يملكها الغلابة الذين يشاهدون الإعلان، وأقصد بذلك أن المواطن المصري الغلبان هو المطالب دائما أن يمد اليد بالعون لمثله من الغلابة. كيف لصهيبة أن تعالج هي وغيرها بقروش ونحن نصرف مليارات علي سبعين مسلسل رمضاني، وحوالي سبعون مسلسلاً منهم لا تأمن أن يراه أولادك من كثرة ما فيه من خروج عن الأدب والذوق واللياقة في شهر جعله الله للعبادة والتقرب والتنزه والتطهر خلصاً خالصاً. 
وحتي لا تذهب الفكرة وتضيع أقول تحديداً إنني أتحدث عن حسبة تقديرية لمتوسط إنفاق 40 مليون جنيه في كل مسلسل في عدد سبعين مسلسلاً رمضانياً ما يعني حوالي  2800 مليوناً، أي  2 مليار و 800 مليوناً من الجنيهات تم إنفاقها علي مسلسلات رمضان المعظم ، من أين جاءت حسبتي تلك المليارات؟! أقول لك، وسوف أشرح من أين اتيت بحساباتي لهذا المبلغ الرهيب، نشرت بعض المصادر الصحفية أن مسلسلاً واحداً فقط قد تكلف 70 مليوناً من الجنيهات فإذا حضرتك اعتبرت أنه كان الأكثر إنفاقاً من بين إخوته السبعين ثم افترضت متوالية حسابية للسبعين أخ وأخت فقد تصل لنتيجة ربما تفوق ما وصلت أنا إليه. 
المهم أنه وبعد إنفاق تلك المبالغ رحنا نصنع بين قطعات هذه المسلسلات إعلانات تطالب المصريين البسطاء بالتبرعات  من عينة ذلك أن يأتيك فيه صوت المؤدي عميقاً "كل جنيه ح تتبررررررررررررع بيه بينقذ قلب طفل" علي خلفية صور أطفال وطفلات تفطر قلبك الصائم في رمضان صاحب السبعين مسلسلاً. 
لقد رأيت وسمعت عن الكثيرين من فقراء مصرالذين يعيشون علي رواتبهم القليلة ومعاشاتهم يذهبون للتبرع بجنيهات قليلة هي كل ما معهم من فائض لمشروعات " ح تتبرررررررررررع" وذلك ليس لأنهم هم فقط الذين تأثروا بالإعلان والميديا لكن أيضاً لأنهم مازالوا يحملون جينات الأدمية والحس الإنساني، ناس مازال فيهم قلب يألم لمصائب غيره وروح تنهض لمؤزارة معيل محتاج. 
أذكر مما قرأنا أنه في عهد الخليفة خامس الراشدين عمر بن عبد العزيز حينما نقص المال في بيت مال المسلمين (الخزانة العامة هذه الأيام) فاقترح البعض فرض مايشبه الضرائب علي عامة المسلمين لكن الخليفة العادل أمر ببيته أولاً فجرد من كل زائدة ثم أمر ببيوت الأمراء فأخرجت الحلي والأموال وجردت القصور ودفع بذلك كله إلي بيت مال المسلمين حتي أنه يقال عن عهده ما لا تصدقه في كيف عم الخير في  حكمه، وأنقل هنا عن بعض المصادر:
 " جاءوا عمراً في يوم بالزكاة فقال أنفقوها على الفقراء والمساكين فقالوا ما عاد في أمة الإسلام فقراء ولا مساكين، قال فجهزوا بها الجيوش، قالوا جيش الإسلام يجوب الدنيا، قال فزوجوا بها الشباب, فقالوا من كان يريد الزواج قد زوج وبقي مال فقال اقضوا الدين على المدينين، فلما قضوه وبقي المال, فقال انظروا في أهل المدائن من المسيحيين واليهود من كان عليه دين فسددوا عنه ففعلوا وبقي المال، فقال أعطوا أهل العلم فأعطوهم وبقي مال، فقال اشتروا به حباً وانثروه على رؤوس الجبال, لتأكل الطير من خير المسلمين. "
وإني أسأل متي تعالج صهيبة من خير مصر بدلاً من إهدار مالنا علي سبعين مسلسل في شهر القرآن. أكتب هذا وأنا بي يقين أن هناك من فقراء مصر من بالفعل أنفق آخر قرش بحوذته لمصلحة صهيبة ورفقائها رغم يقيني أنهم لا يملكون في أحسن الأحوال إلا ثمن طبق الكشري لذلك الصبي أبو نص لسان (يحفظه الله هو ومن معه).





د. محمد زكريا الأسود
28 يوليوا 2012م

هناك تعليقان (2):

  1. انا اوافقك الراى تماما ولابد من جهه رقابيه لاهدار المال فى مسلسلات اغلبها تافه او مكرر هل يعقل ان يكون اجر ممثل 35 مليون جنيه فى مسلسل واحد قصته اتعملت مية مره قبل كده فى بلد اكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر دمصطفى كامل

    ردحذف
    الردود
    1. أخي أ.د. مصطفي كامل
      والله يا أستاذي مصر أصبحت مليئة بالعجب. شكراً علي مرورك الكريم. مع خالص التحية والمودة.
      د. محمد زكريا الأسود

      حذف