السبت، 14 يوليو 2012

حجر أنا يا مصر هل يصل اعتذاري



بقدر ما كنت آمل من وراء هذه الثورة للوطن الحبيب، بقدر ما يصيبني الخوف من القادم فكل أخبار وطني لا تسر، بل وتزيدني كآبة، وقد نكون ضللنا ... هذه ليست الطريق ... هذه ليست الطريق.
لماذا؟!
      تعود بلدي لاتهام الدكتور البرادعي – المحترم- وغيره من شرفاء الوطن بالعمالة وشرب شاي الياسمين ليس لشئ سوي الاختلاف في الرأي.
      تعود بلدي لاحتلال ميدان التحرير كملكية خاصة لشباب الأخوان المتحمس (زيادة) ومن ثم طرد كل فصيل آخر مخالف ليس لسبب إلا أن الدكتور محمد مرسي أصبح الرئيس وظنوا أنهم ليسوا في حاجة لجهد بقية الشركاء في الوطن في الوقت الحالي، إذاً هو فاصل قصير ونعود للاستنجاد بكم بعد الأزمة القادمة.
     تعود بلدي للخلاف حول المادة الثانية من الدستور ويسحب الخطباء منابرهم من غمادها ويسارعون إلي الحرب ضد جثة الدولة الباردة.
يقول المثل القديم – قد يكون لتشارلز ديكنز - " الثورة كما القطة تأكل أبناءها" ولكني أري أن بلادي تقتل نفسها بنفسها وبأبنائها، لم يتعلم الأبناء شيئاً طيلة ثمانية عشرة شهراً، وكل ما ادعوه من نضج كان فقط لحين تحقق الغاية ثم ينقلبون علي الفكرة الأزلية أن القوة في الاتحاد وليس الفرقة والقبلية والتحزب.
     تعود بلدي إلي الشكاية والاستجداء والتسول لأي مصلحة سريعة كفرصة ربما لا تأتي ثانية وترمي بلدي بطوابير طويلة أمام قصر الرئاسة لمجرد أن الرئيس المتحمس في اليوم الأول لولايته كان يحلم أن يكون ديواناً كديوان الفاروق عمر، وكان المسلمون عند عمر مئات تعد علي اليد الواحدة بينما المصريون عند مرسي لهم ستة أصفار علي اليمين.
ولماذا؟!
       تعود بلدي لمناوشات السلطة والتسلط بين كرسي الرئيس والمجلس العسكري والمحكمة، الرئيس يسقط الحكم والقرار، والمجلس يستدعي المحكمة لتناوش علي رقعة الشطرنج الوطن وهو بعيد عن المواجهة وفي الخلفية حمل وديع، والمحكمة لا تتواني وتحكم ثانية وحتي أن رئيس نادي القضاة يهدد الرئيس، والرئيس يسكت ثم يتراجع وتبدو في الأفق ملامح توازنات القوي الجديدة في هذا الحيز بعيداً عن حماس شباب الأخوان، الذين لم يعلموا بعد حكمة التوازنات ولم يقرأوا عن نظريات الحرب وحافتها –"حافة الحرب" كانت نظرية شهيرة إبان الحرب الباردة- هؤلاء ظنوا أن الامتلاك لكرسي القصر هو كل الأمر. لكن هذه المناوشات كما أظن تنبئ بما سيكون عليه الوضع القادم، قد يتحمس الرئيس ألف ألف مرة لكن هناك من يملك فرملة حماس الرئيس ألف ألف مرة أيضاً حتي ربما لو كان هذا الحماس في صالح الناس في مصر لكنه يتعارض مع مصالح البعض فيستوجب حينئذ التعطيل. أخشي أن مصالحنا كلها سوف تذهب في سبيل عدم تعطيل مصالح هؤلاء البعض الذين يملكون تعطيل أحلام الرئيس علي رقعة توازنات القوي.
لك الله يا مصر لكن هل وصلتك مخاوفي؟

يقول محمود درويش في قصيدته "رحلة المتنبي إلي مصر"

" لا الحبُّ ناداني
ولا الصفصافُ أغراني بهذا النيل كي أغفو
... ثم يقول:
ماذا جرى للنيل
لم يعتبْ
ولم يغضبْ
.......

الآن أُشْهِرُ كُلَّ أَسئلتي
وأسالُ : كيف أسألُ؟
والصراعُ هو الصراعُ
..... ثم يختم:
حجر أنا يامصر هل يصل اعتذاري"

د. محمد زكريا الأسود
يوليو 2012

هناك 4 تعليقات:

  1. د. محمد زكريا
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سيدى كلماتك دليل على أن المصرى مهما بعد وتغرب كل نبضة فى قلبه تنطق باسم مصر، وكل فكرة فى عقله هى لمصر

    وهذه سيدى عظمة مصر وأبناء مصر..ولذلك لاخوف عليها

    تقبل خالص تقديرى واحترامى
    وبارك الله فيك وأعزك

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الفاضل الأستاذ محمد الجرايحي
      منذ زمن يا أخي ونحن في مصر نحمل غربتنا داخلنا ونعيش بها، لم نكن نشعر أننا من بين أصحاب هذه البلد الكريمة، وأنا ياسيدي كل ما آمله أن يعيش عيالي وطنهم وهم يحسون عكس ما عشناه. والله ما دفعنا للغربة إلا درءاً لانسحاق الكرامة أمام الكثير من عوارض المرض المصري المزمن، مرض الرئيس الإله والمسؤل الإله والمدير الإله والكثير من الألهه الذين جعلوا قصيدة الأستاذ أحمد فؤاد نجم "علشان انت مصري" هي شعار تلك المرحلة لا ردها الله علينا. ياسيدي أنت وأناوكل المصريين نعيش الوطن حتي إذا اغتربنا حملنا الوطن كي يعيش داخلنا وهذا فضل لا يخصني وكان يكفيني لأوقن هذا مشهد المصريين هنا في السفارة أيام الانتخابات. مصر يا أخي كبيرة وعظيمة بك وبأبنائها. مع خالص دعائي لك و لمصرنا بالعزة والعافية.
      د. محمد زكريا الأسود

      حذف
  2. للأسف سيدى مازال هناك من يريد لنا أن نظل عبيداً فى وطننا غرباء
    وليس لها من دون الله كاشفة .....

    تقبل خالص تقديرى واحترامى ومودتى

    ردحذف